٢٣‏/٠٨‏/٢٠٠٨

ولنا ملاحظة: سييء‏..‏ وسيئة‏!‏


يجب التعامل مع الهزيمة المخجلة لمنتخب مصر أمام شقيقه السوداني في حدودها‏,‏ فالمباراة لا تعكس المستوي الحقيقي للاعبين ولا المستوي الحقيقي للجهاز الفني‏..‏ لقد كانت مباراة السودان حادثة مؤلمة ومريرة‏..‏ وقد تحدث شوقي غريب بعدها مباشرة مبررا ومعلنا أنها درس وسوف نستفيد ونتعلم منه‏,‏ ولا أصدقه‏,‏ لأنه وغيره يتحدثون دائما عن الدروس المستفادة بعد كل هزيمة‏,‏ كأننا يجب أن نخسر كي نتعلم ونستفيد‏!‏من تلك المباراة نخرج مثلما خرجنا من قبل بدرس واحد أكيد‏,‏ وهو أننا لا نأخذ الحياة بجد ولا اللعب بجد‏,‏ ولا تعنينا المباريات الودية‏,‏ وكل ما يقال عن أهميتها للإعداد والاستعدادد‏,‏ كلام فارغ يباع للصحف وللصحفيين وللكاميرات‏,‏ فالمباريات الودية التي نخوضها نلعبها دائما بغرور واستهتار وتعال‏,‏ ومعظمها نخوضها بعشوائية‏,‏ وبمنتهي الودية ترسيخا لمقولة خربت عقولنا‏:‏ المعدن المصري يظهر وقت الشدة‏..‏ فأصبحنا نقاتل في المباراة الرسمية الأخيرة‏,‏ ونقاتل في الوقت الضائع‏,‏ ونقاتل بعد الهزائم‏,‏ ونقاتل وقت الأزمات‏,‏ ونقاتل حين تنتهي المعارك‏,‏ ونقاتل كي نلحق بالقطار وبالطائرة وبالسيارة قبل أن تتحرك‏,‏ ونقاتل لإطفاء حريق ولا نقاتل لمنع الحريق‏...‏ وكل من يتغني بالمعدن المصري الذي يظهر وقت الشدة يرتكب جريمة في حق البلد‏,‏ فالعمل الذي يتطلب سنوات نسلقه في شهور‏,‏ فيفسد في أيام‏.‏ إن الحياة شدة يومية‏,‏ والعمل شدة ضرورية‏,‏ والجدية في كل لحظة شدة‏,‏ والوصول إلي النجاح شدة‏,‏ وتحقيق التميز شدة‏,‏ والعمل بأقصي طاقة مثل اللعب بأقصي طاقة‏..‏ للأسف صنعنا بتلك الجملة عن المعدن المصري أجيالا لا تعرف الجدية إلا في الأزمات والحروب‏,‏وتهدر كل أيامها فيما بين الأزمة والحرب في كسل وتنبلة وبلادة وتخلف‏..‏ ألا تسألون أنفسكم لماذا لا يظهر المعدن المصري إلا في وقت الشدة‏..‏ هذا هو الدرس يا أخ شوقي ويا كل الإخوان؟‏!‏ولم يكن المنتخب مهيأ نفسيا ولا ذهنيا للمباراة‏.‏ ولذلك ظهر بصورة مخجلة‏,‏ فالأداء كان سيئا‏,‏ والروح سيئة‏,‏ والتشكيل سيئا‏,‏ والخطة سيئة‏,‏ والانسجام سيئا‏,‏ والجماعية سيئة‏,‏ والتحرك سيئا‏,‏ واللياقة سيئة‏,‏ والسلوك سيئا‏,‏ والأخلاق سيئة‏.‏ كان كل ما في المباراة سييء وسيئة فماذا تبقي للفريق؟‏..‏ وهل كان هناك فريق؟‏!‏
--
مقال الأستاذ حسن المستكاوي بأهرام 23 أغسطس 2008

ليست هناك تعليقات: